فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
استئناف ابتدائي للانتقال من الاعتبار بدلالة نزول هذه القصة للنبيء صلى الله عليه وسلم الأمّيّ على صدق نبُوءته وصدقه فيما جاء به من التوحيد إلى الاعتبار بجميع ما جاء به من هذه الشريعة عن الله تعالى، وهو المعبّر عنه بالسبيل على وجه الاستعارة لإبلاغها إلى المطلوب وهو الفوز الخالد كإبلاغ الطريق إلى المكان المقصود للسائر، وهي استعارة متكررة في القرآن وفي كلام العرب.
والسبيل يؤنث كما في هذه الآية، ويذكّر أيضًا كما تقدم عند قوله تعالى: {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا} في سورة الأعراف (146).
والجملة استئناف ابتدائي معترضة بين الجمل المتعاطفة.
والإشارة إلى الشريعة بتنزيل المعقول منزلة المحسوس لبلوغه من الوضوح للعقول حدًا لا يخفى فيه إلا عمّن لا يُعدّ مُدْركًا.
وما في جملة {هذه سبيلي} من الإبهام قد فسرته جملة: {ادعوا إلى الله على بصيرة}.
و{على} فيه للاستعلاء المجازي المراد به التمكن، مثل: {على هدىً من ربهم}.
والبصيرة: فعيلة بمعنى فاعلة، وهي الحجة الواضحة، والمعنى: أدعو إلى الله ببصيرة متمكنًا منها، ووصف الحجة ببصيرة مجاز عقلي، والبصير: صاحب الحجة لأنه بها صار بصيرًا بالحقيقة.
ومثله وصف الآية بمبصرة في قوله: {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة} [سورة النمل: 13].
وبعكسه يوصف الخفاء بالعمى كقوله: {وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم} [سورة هود: 28].
وضمير {أنا} تأكيد للضمير المستتر في: {أدعوا}، أتي به لتحسين العطف بقوله: {ومن اتبعني}، وهو تحسين واجب في اللغة.
وفي الآية دلالة على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الذين آمنوا به مأمورون بأن يدعوا إلى الإيمان بما يستطيعون.
وقد قاموا بذلك بوسائل بث القرآن وأركان الإسلام والجهاد في سبيل الله.
وقد كانت الدعوة إلى الإسلام في صدر زمان البعثة المحمدية واجبًا على الأعيان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بلّغوا عنّي ولو آيةً» أي بقدر الاستطاعة.
ثم لمّا ظهر الإسلام وبلغت دعوته الأسماع صارت الدعوة إليه واجبًا على الكفاية كما دل عليه قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير الآية} في سورة آل عمران (104).
وعُطفت جملة: {وسبحان الله} على جملة: {أدعوا إلى الله}، أي أدعو إلى الله وأنزهه.
وسبحان: مصدر التسبيح جاء بدلًا عن الفعل للمبالغة.
والتقدير: وأسبح الله سبحانًا، أي أدعو الناس إلى توحيده وطاعته وأنزّهه عن النقائص التي يشرك بها المشركون من دّعاء الشركاء، والولد، والصاحبة.
وجملة: {وما أنا من المشركين} بمنزلة التذييل لما قبلها لأنها تعمّ ما تضمنته. اهـ.

.قال الشعراوي:

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
أي: قل يا محمد هذا هو منهجي. والسبيل كما نعلم هو الطريق، وقول الحق: {هذه سبيلي...} [يوسف: 108]
يدل على أن كلمة السبيل تأتي مرة مُؤنَّثة، كما في هذه الآية، وتأتي مرة مُذكَّرة؛ كما في قول الحق: {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرشد لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الغي يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا...} [الأعراف: 146]
وأعْلِنْ يا محمد أن هذه الدعوة التي جِئْتَ بها هي للإيمان بالله الواحد؛ وسبحانه لا ينتفع بالمنهج الذي نزل عليك لِيُطبِّقه العباد، بل فيه صلاح حياتهم، وسبحانه هو الله؛ فهو الأول قبل كل شيء بلا بداية، والباقي بعد كل موجود بلا نهاية؛ ومع خَلْق الخَلْق الذين آمنوا هو الله؛ وإن كفروا جميعًا هو الله، والمسألة التكليفية بالمنهج عائدة إليكم أنتم، فمَنْ شاء فَلْيؤمن، ومَنْ شاء فَلْيكفر.
ولنقرأ قول الحق: {إِذَا السماء انشقت وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 1-2]
فهي تنشقُّ فَوْرَ سماعها لأمر الله، وتأتي لحظة الحساب.
وقول الحق: {قُلْ هذه سبيلي أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ...} [يوسف: 108]
أي: أدعو بالطريق المُوصِّل إلى الله إيمانًا به وتَقبُّلًا لمنهجه، وطلبًا لما عنده من جزاء الآخرة؛ وأنا على بصيرة مما أدعو إليه.
والبصر كما نعلم للمُحسَّات، والبصيرة للمعنويات.
والبصر الحسيُّ لا يُؤدِّي نفس عمل البصيرة؛ لأن البصيرة هي يقينٌ مصحوب بنور يُقنِع النفس البشرية، وإنْ لم تَكُنْ الأمور الظاهرة مُلجئة إلى الإقناع.
ومثال هذا: أم موسى حين أوحى الله لها أن تقذف ابنها في اليَمِّ، ولو قاسَتْ هي هذا الأمر بعقلها لما قَبِلَتْه، لكنها بالبصيرة قَبِلَتْه؛ لأنه وارد من الله لا مُعانِدَ له من النفس البشرية.
فالبصيرة إذن: هي يقين ونور مبني على برهان من القلب؛ فيطيعه العبد طاعة بتفويض، ويُقال: إن الإيمان طاعة بصيرة.
ويمكن أن نقرأ قول الحق: {قُلْ هذه سبيلي أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ...} [يوسف: 108]
وهنا جملة كاملة؛ ونقرأ بعدها: {أَنَاْ وَمَنِ اتبعني...} [يوسف: 108]
أو نقرأها كاملة: {قُلْ هذه سبيلي أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعني وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَاْ مِنَ المشركين} [يوسف: 108]
وقول الحق: {وَسُبْحَانَ الله...} [يوسف: 108]
أي: أنه سبحانه مُنزَّه تنزيهًا مطلقًا في الذات، فلا ذاتَ تُشبِهه؛ فذاته ليست محصورة في القالب المادي مثلك، والمنفوخة فيه الروح، وسبحانه مُنزَّه تنزيهًا مُطْلقًا في الأفعال، فلا فعلَ يشبه فِعله؛ وكذلك صفاته ليست كصفات البشر، فحين تعلم أن الله يسمع ويرى، فخُذْ ذلك في نطاق: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ...} [الشورى: 11]
وكذلك وجوده سبحانه ليس كوجودك؛ لأن وجوده وجود واجد أزليّ، وأنت حَدَثٌ طارئ على الكون الذي خلقه سبحانه.
ولذلك قاس بعض الناس رحلة الإسراء والمعراج على قدرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولم ينتبهوا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أُسري بي». ونزل قول الحق سبحانه: {سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السميع البصير} [الإسراء: 1] وهكذا تعلم أن الفعل لم يكن بقوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولكن بقوة من خلق الكون كله، القادر على كل شيء، والذي لا يمكن لمؤمن حق أن يشرك به، أمام هذا البرهان. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}
الخطاب بقوله: {ذلك} لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مبتدأ خبره: {مِنْ أَنبَاء الغيب}، و: {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} خبر ثان.
قال الزجاج: ويجوز أن يكون ذلك بمعنى: الذي، ونوحيه إليك خبره أي: الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك.
والمعنى: الإخبار من الله تعالى لرسوله الله صلى الله عليه وسلم بأن هذا الذي قصه عليه من أمر يوسف وإخوته من الأخبار التي كانت غائبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوحاه الله إليه وأعلمه به، ولم يكن عنده قبل الوحي شيء من ذلك، وفيه تعريض بكفار قريش، لأنهم كانوا مكذبين له صلى الله عليه وسلم بما جاء به جحودًا وعنادًا وحسدًا، مع كونهم يعلمون حقيقة الحال: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ} لدي إخوة يوسف: {إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ} إجماع الأمر: العزم عليه، أي: وما كنت لدى إخوة يوسف إذ عزموا جميعًا على إلقائه في الجبّ وهم في تلك الحالة: {يَمْكُرُونَ} به، أي: بيوسف في هذا الفعل الذي فعلوه به، ويبغونه الغوائل، وقيل: الضمير ليعقوب، أي: يمكرون بيعقوب حين جاءوه بقميص يوسف ملطخًا بالدم، وقالوا: أكله الذئب.
وإذا لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لديهم عند أن فعلوا ذلك، انتفى علمه بذلك مشاهدة، ولم يكن بين قوم لهم علم بأحوال الأمم السالفة، ولا خالطهم ولا خالطوه، فانتفى علمه بذلك بطريق الرواية عن الغير، فلم يبق لعلمه بذلك طريق إلاّ مجردّ الوحي من الله سبحانه، فهذا يستلزم الإيمان بما جاء به، فلما لم يؤمن بذلك من عاصره من الكفار، قال الله سبحانه ذاكرًا لهذا: {وَمَا أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} أي: وما أكثر الناس المعاصرين لك يا محمد، أو أكثر الناس على العموم، ولو حرصت على هدايتهم وبالغت في ذلك بمؤمنين بالله لتصميمهم على الكفر الذي هو دين آبائهم، يقال: حرص يحرص مثل ضرب يضرب، وفي لغة ضعيفة حرص يحرص مثل حمد يحمد، والحرص: طلب الشيء باجتهاد.
قال الزجاج: ومعناه: وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم؛ لأنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
قال ابن الأنباري: إن قريشًا واليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته فشرحهما شرحًا شافيًا، وهو يأمل أن يكون ذلك سببًا لإسلامهم، فخالفوا ظنه، وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فعزاه الله بقوله: {وَمَا أَكْثَرُ الناس} الآية.
{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} أي: على القرآن وما تتلوه عليهم منه، أو على الإيمان، وحرصك على وقوعه منهم أو على ما تحدّثهم به من هذا الحديث: {من أجر} من مال يعطونك إياه، ويجعلونه لك كما يفعله أحبارهم: {إِنْ هُوَ} أي: القرآن، أو الحديث الذي حدثهم به: {إِلاَّ ذِكْرٌ للعالمين} أي: ما هو إلاّ ذكر للعالمين كافة لا يختص بهم وحدهم.
{وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ في السموات والأرض} قال الخليل وسيبويه: والأكثرون إن: {كأين} أصلها: أي دخل عليها كاف التشبيه، لكنه انمحى عن الحرفين المعنى الإفرادي، وصار المجموع كاسم واحد بمعنى كم الخبرية، والأكثر إدخال من في مميزه، وهو تمييز عن الكاف لا عن أي كما في مثلك رجلًا. وقد مرّ الكلام على هذا مستوفى في آل عمران.
والمعنى: كم من آية تدلهم على توحيد الله كائنة في السموات من كونها منصوبة بغير عمد، مزينة بالكواكب النيرة السيارة والثوابت، وفي الأرض من جبالها وقفارها وبحارها ونباتها وحيواناتها تدلهم على توحيد الله سبحانه، وأنه الخالق لذلك، الرزاق له، المحيي والمميت، ولكن أكثر الناس يمرّون على هذه الآيات غير متأملين لها، ولا مفكرين فيها، ولا ملتفتين إلى ما تدل عليه من وجود خالقها، وأنه المتفرد بالألوهية مع كونهم مشاهدين لها: {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} وإن نظروا إليها بأعيانهم فقد أعرضوا عما هو الثمرة للنظر بالحدقة، وهي التفكر والاعتبار والاستدلال.
وقرأ عكرمة وعمرو بن فايد برفع: {الأرض} على أنه مبتدأ، وخبره: {يمرّون عليها}. وقرأ السدّي بنصب: {الأرض} بتقدير فعل. وقرأ ابن مسعود: {يمشون عليها}.
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله} أي: وما يصدّق ويقرّ أكثر الناس بالله من كونه الخالق الرزاق المحيي المميت: {إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} بالله يعبدون معه غيره، كما كانت تفعله الجاهلية، فإنهم مقرّون بالله سبحانه، وبأنه الخالق لهم: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله} [الزخرف: 87].
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله} [لقمان: 25] لكنهم كانوا يثبتون له شركاء فيعبدونهم ليقرّبوهم إلى الله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى الله} [الزمر: 3] ومثل هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله المعتقدون في الأموات بأنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلاّ الله سبحانه كما يفعله كثير من عبّاد القبور، ولا ينافي هذا ما قيل من أن الآية نزلت في قوم مخصوصين، فالاعتبار بما يدل عليه اللفظ لا بما يفيده السبب من الاختصاص بمن كان سببًا لنزول الحكم.
{أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مّنْ عَذَابِ الله} الاستفهام للإنكار، والغاشية ما يغشاهم ويغمرهم من العذاب كقوله تعالى: {يَوْمَ يغشاهم العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [العنكبوت: 55] وقيل: هي الساعة، وقيل: هي الصواعق والقوارع، ولا مانع من للحمل على العموم: {أَوْ تَأْتِيَهُمُ الساعة بَغْتَةً} أي: فجأة، وانتصاب بغتة على الحال.
قال المبرد: جاء عن العرب حال بعد نكرة، وهو قولهم: وقع أمر بغتة، يقال: بغتهم الأمر بغتًا وبغتة: إذا فاجأهم: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} بإتيانه، ويجوز انتصاب بغتة على أنها صفة مصدر محذوف.
{قُلْ هذه سَبِيلِى} أي: قل يا محمد للمشركين: هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها سبيلي، أي: طريقتي وسنّتي، فاسم الإشارة مبتدأ وخبره سبيلي، وفسر ذلك بقوله: {ادعوا إلى الله على بَصِيرَةٍ} أي: على حجة واضحة، والبصيرة: المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل، والجملة في محل نصب على الحال: {أَنَاْ وَمَنِ اتبعنى} واهتدى بهديي.
وقال الفراء: والمعنى ومن اتبعني يدعو إلى الله كما أدعو.
وفي هذا دليل على أن كل متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق عليه أن يقتدي به في الدعاء إلى الله، أي: الدعاء إلى الإيمان به وتوحيده، والعمل بما شرعه لعباده: {وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَاْ مِنَ المشركين} أي: وقل يا محمد لهم: سبحان الله وما أنا من المشركين بالله الذين يتخذون من دونه أندادًا.
قال ابن الأنباري: ويجوز أن يتم الكلام عند قوله: {ادعوا إِلَى الله} ثم ابتدأ، فقال: {على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعنى}.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} قال: هم بنو يعقوب إذ يمكرون بيوسف.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن قتادة في الآية يقول: وما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب، وهم يمكرون بيوسف.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك: {وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ} قال: كم من آية في السماء يعني: شمسها وقمرها ونجومها وسحابها، وفي الأرض ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} قال: سلهم من خلقهم، ومن خلق السموات والأرض، فسيقولون الله، فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ عن عطاء في قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} قال: كانوا يعلمون أن الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم، وكانوا مع ذلك يشركون.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: كانوا يشركون به في تلبيتهم يقولون: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلاّ شريكًا هو لك، تملكه وما ملك.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: ذلك المنافق يعمل بالرياء وهو مشرك بعمله.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {غَاشِيَةٌ مّنْ عَذَابِ الله} قال: وقيعة تغشاهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {هذه سَبِيلِى} قل: هذه دعوتي.
وأخرج أبو الشيخ عنه: {قُلْ هذه سَبِيلِى} قال: صلاتي.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال: أمري ومشيئتي ومنهاجي، وأخرجا عن قتادة في قوله: {على بَصِيرَةٍ} أي: على هدى: {أَنَاْ وَمَنِ اتبعنى}. اهـ.